11:10 مساءً / 14 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين : تشريع فوق ركام العدالة ، بقلم : محمود جودت محمود قبها

قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين : تشريع فوق ركام العدالة ، بقلم : محمود جودت محمود قبها

قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين: تشريع فوق ركام العدالة ، بقلم : محمود جودت محمود قبها


في السنوات الأخيرة برزت على ساحة النقاش السياسي والأمني في إسرائيل محاولات متكررة لتمرير قانون يسمح بإعدام الأسرى الفلسطينيين وهو قانون يتجاوز في خطورته مجرد إضافة بند إلى المنظومة القانونية ليصل إلى مستوى تقويض منظومة العدالة وشرعنة الانتقام السياسي هذا المشروع الذي يُطرح أحيانًا تحت شعارات “الردع” و”الأمن” يكشف عن تحول عميق في بنية التفكير السياسي الإسرائيلي وانزلاقٍ متسارع نحو التطرف والتشريعات العقابية الجماعية.

جذور القانون وخلفيات طرحه:-


لا يأتي الحديث عن هذا القانون من فراغ بل يتكرر طرحه في سياقات تصاعد العمليات داخل فلسطين المحتلة أو خلال الحروب على غزة وغالبًا ما يُستخدم كأداة دعائية من قبل الأحزاب اليمينية التي تبحث عن مكاسب انتخابية من خلال خطاب القوة والعقاب.


ففكرة إعدام الأسرى الفلسطينيين ليست جديد فقد ظهرت محاولات سابقة لتمريرها منذ أكثر من عقد لكنها كانت تُواجه بمعارضة داخل المؤسسة الأمنية والقضائية الإسرائيلية نفسها التي كانت تدرك أن إقرار مثل هذا القانون سيُدخل إسرائيل في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي وسيُعرّض جنودها للخطر إذا وقعوا في الأسر.

خرق واضح للقانون الدولي الإنساني :-


يُعدّ هذا القانون – لو أُقِرّ – انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف الرابعة التي تُلزم القوة المحتلة بضمان حقوق الأسرى وتمنع العقوبات التي تمسّ حياتهم دون محاكمة عادلة ومستقلة كما يتناقض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يقيّد تطبيق عقوبة الإعدام بشروط صارمة لا تتوفر في منظومة القضاء العسكري الإسرائيلية المعروفة بالتحيز والاعتماد على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب…بل إن إعدام الأسرى في سياق صراع سياسي وعسكري لا يُعد عقوبة قانونية بل تصفية سياسية تستهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني الذي قدّم آلاف الأسرى على مدار العقود الماضية.

الأبعاد السياسية والأمنية :-


على المستوى الأمني يدرك كثير من الخبراء الإسرائيليين أن إقرار مثل هذا القانون لن يحقق الردع بل العكس تمامًا سيزيد من دافعية التنظيمات الفلسطينية لأسر جنود احتلال بهدف المبادلة سيرفع مستوى العمليات الثأرية ويحوّل الصراع إلى دائرة دم لا تتوقف سيعرض الأسرى الإسرائيليين – عند وقوعهم في الأسر – للخطر نفسه.
أما سياسيًا فيُستخدم القانون كورقة ضغط لإظهار “القوة” في ظل أزمة ثقة داخلية يعيشها المجتمع الإسرائيلي وخاصة بعد الحروب المستمرة على غزة وتعاظم الانتقادات الدولية.

الأثر على الأسرى وعائلاتهم :-


يمثل هذا القانون حالة من الإرهاب النفسي لعائلات الأسرى الذين يعانون أصلًا من سياسة الإهمال الطبي والعزل الانفرادي والأحكام الجائرة فانتظار حكم بالإعدام أو التهديد به يُعد شكلًا من أشكال التعذيب النفسي المستمر.
كما يسعى القانون إلى نزع الإنسانية عن الأسرى الفلسطينيين وتصويرهم كأرقام أو ملفات أمنية بدل كونهم مقاتلين من أجل الحرية أو ضحايا احتلال قائم منذ أكثر من 75 عامًا.

الموقف الفلسطيني والعربي والدولي :-


تعارض المؤسسات الفلسطينية – الرسمية والأهلية – هذا القانون باعتباره إعلانًا مفتوحًا للحرب على الإنسانية وتدعو إلى ملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الدولية خصوصًا محكمة الجنايات الدولية التي يمكنها النظر في الجرائم ضد الإنسانية أما دوليًا فقد حذّرت منظمات حقوق الإنسان العالمية من تبعات هذا القانون مشيرة إلى أنه يشكّل تحولًا خطيرًا نحو نظام فصل عنصري أكثر وحشية.

بين التشريع والتحريض… أي مستقبل؟


سواء تم إقرار القانون أم ظلّ أداة للمزايدات السياسية فإن مجرد طرحه يعكس تآكل قيم العدالة داخل النظام السياسي الإسرائيلي تحوّل خطاب الدولة من قوة احتلال إلى قوة انتقام تعميق الصراع بدل البحث عن حلول سياسية.

فإعدام الأسرى لن يوقف مقاومة شعب يناضل من أجل حريته ولن ينهي الصراع الذي جذوره سياسية وحقوقية بل سيجعل إسرائيل أكثر عزلة ويُظهر حقيقتها كقوة تمارس القتل تحت غطاء القانون


إن مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين ليس تشريعًا عابرًا إنه ثقب أسود في منظومة العدالة ومحاولة لشرعنة القتل باسم الأمن وإضفاء الطابع القانوني على جريمة سياسية وأخلاقية.

فالأسرى ليسوا ملفات قانونية بل قضية وطنية وشواهد حيّة على نضال شعب من أجل الحرية
وبينما تحاول بعض القوى تمرير القانون، يبقى صوت الحق واضحًا


الحرية للأسرى… والعدالة لا تُبنى فوق أعواد المشانق .


باحث في درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية .

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم الجمعة

أسعار الذهب اليوم الجمعة

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الجمعة 14 نوفمبر كالتالي :عيار 22 85.800عيار 21 81.900