
شفا – شينخوا – اختتمت اليوم الثلاثاء فعاليات منتدى وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث بالجنوب العالمي 2025، في مدينة كونمينغ بمقاطعة يوننان الصينية، بمشاركة حوالي 500 ضيف من أكثر من 260 وسيلة إعلامية ومركز أبحاث ووكالة حكومية ومنظمة دولية من 110 دولة ومنطقة.
وأكد خبراء وإعلاميون عرب حضروا المنتدى على “الحاجة الملحة لتعزيز الوحدة وبناء التوافق بين دول الجنوب العالمي”، مشددين على أن وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث تتحمل مسؤولية أكبر عن تعزيز صوت الجنوب العالمي، ودفع التبادلات الفكرية والثقافية والحضارية بين شعوب تلك الدول.
تعزيز صوت الجنوب عالميا
وفي كلمته في افتتاح المنتدى، شدد وو هاي لونغ، رئيس جمعية الدبلوماسية العامة الصينية، على المسؤولية الملقاة على عاتق وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث تجاه حماية المصالح المشتركة وتعزيز الوحدة والتعاون في ظل ارتفاع مكانة الجنوب العالمي على الساحة الدولية، داعيا إياها إلى تعزيز التبادل والتواصل من أجل تعميق التفاهم بين مختلف الشعوب.
وقالت الدكتورة خديجة عرفة، رئيسة الإدارة المركزية للتواصل المجتمعي بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في رئاسة مجلس الوزراء المصري، في كلمتها خلال المنتدى، إن مراكز الأبحاث تلعب اليوم دورا محوريا في تشكيل السياسات العامة، مشيرة إلى أن مراكز الأبحاث اضطلعت في الآونة الأخيرة بدور موسع في تعزيز التواصل الحكومي، وخاصة في ضوء حالة عدم اليقين المتزايدة في العالم.
وأضافت أن “التحديات المشتركة التي تواجهها دول الجنوب العالمي تتطلب تعاونا أوثق بين مراكز الأبحاث لتقديم رؤى وحلول قيّمة للمشاكل المشتركة، والمساعدة في صياغة سياسات عامة عالمية أكثر إنصافا، وضمان وضع شواغل الجنوب العالمي على رأس جدول الأعمال الدولي”، داعية إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز التواصل الحكومي من خلال إنشاء منصات رقمية مشتركة تُمكّن مراكز الأبحاث من التفاعل مع وجهات نظر متنوعة وبناء روابط أقوى بين شعوب بلدان الجنوب العالمي.
من جانبه، لفت وارف قميحة، رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث في لبنان في كلمته، الى أن دول الجنوب، رغم كثافتها السكانية وعمقها التاريخي “لا تزال تعاني من التهميش في المنصات الإعلامية العالمية، حيث تُصوّر في أغلب الأحيان كمناطق نزاع أو فقر أو تطرف رغم ما تمتلكه في الواقع من تجارب حضارية وروحية وتنموية ملهمة تستحق أن تُروى من الداخل لا أن تُشوه من الخارج”.
وأضاف قميحة أنه رغم تباين اللغات والأديان والتقاليد في دول الجنوب العالمي، إلا أن ثمة قواسم حضارية تربط بين شعوبها مثل تقديس الأسرة واحترام كبار السن وتعظيم التعليم والإيمان بقيم العدالة والتكافل والذاكرة الجمعية للوقوف في وجه الاستعمار والتهميش، لافتا إلى أن هذه القواسم المشتركة يمكن أن تكون نقطة انطلاق لحوار حضاري لا يُنكر الاختلاف، بل يجعل منه مصدرا للقوة لا للفرقة.
العلاقات الصينية – العربية نموذج
وأشاد المشاركون العرب في المنتدي بالتطور الملحوظ في العلاقات الصينية – العربية خلال السنوات الأخيرة، وخاصة بعد انعقاد القمة الصينية – العربية الأولى في العاصمة السعودية الرياض 2022، متوقعين نجاح القمة التالية التي ستعقد في الصين العام المقبل.
واعتبر قميحة العلاقات الصينية – العربية بأنها “نموذج لعلاقات الجنوب العالمي لما أنها تقوم على الحوار والتواصل والتعاون المشترك”.
وأشاد في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) بموقف الصين الداعم للقضايا العادلة في الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ورفضها التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، مسلطا الضوء على الدور البارز الذي قامت به الصين في التقارب بين السعودية وإيران، مما انعكس بالإيجاب على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
وشاطره الرأي إبراهيم موسى، مدير وكالة أنباء السودان (سونا)، قائلا لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن “الصين تلعب دورا مهما في دفع استقرار الشرق الأوسط، بسياسات واضحة تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
وقال خالد بن مبارك آل شافي، رئيس تحرير صحيفة البننسولا القطرية، إن الصين لها مواقف مشرفة في دعم القضايا العربية بشكل كامل في المحافل الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات الدولية.
وبينما أشار إلى التعاون المتطور بين الصين والدول العربية في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، أكد آل شافي أن “الدول العربية تحتاج إلى تعزيز التعاون مع الصين في مجالات مثل الاستثمار وتطوير التكنولوجيا”.
المبادرات الصينية تحظى باهتمام بالغ
وخلال فعاليات المنتدى، حظيت المبادرات العالمية الأربع المقترحة من قبل الصين — مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمية ومبادرة الحضارة العالمية ومبادرة الحوكمة العالمية — باهتمام كبير من قبل المشاركين، وخاصة الأخيرة التي طرحت خلال قمة منظمة شانغهاي للتعاون 2025 في مدينة تيانجين الصينية مؤخرا.
وقال قميحة إن “هذه المبادرات تقدم تصورا صينيا متكاملا لبناء عالم أكثر عدلا في إطار من التعددية الفاعلة والمساواة بين الدول”، مشيرا إلى أن ما يميز مبادرة الحوكمة العالمية أنها تأتي في لحظة دولية حاسمة، يواجه فيها النظام الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية تحديات، تتمثل في ضعف تمثيل الدول النامية، وتصاعد سياسات القوة، وتراجع فعالية المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة.
ومن جهته، اعتبر عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني محمد علوش أن “هذه المبادرات تشكل رؤية متقدمة من أجل بناء نظام عالمي أكثر عدلا وإنصافا، يقوم على المساواة في السيادة، والالتزام بالقانون الدولي، ورفض الهيمنة والمعايير المزدوجة”.
وأضاف علوش أن ما تقدمه الصين اليوم يعكس بعمق فلسفة الحكمة الصينية القائمة على التضامن والشراكة والمنفعة المتبادلة في مواجهة التحديات العالمية.
وتابع قائلا “نؤمن بأن مبادرة الحوكمة العالمية تفتح آفاقا رحبة لتعزيز الديمقراطية في العلاقات الدولية، وتقليص الفجوة بين الشمال والجنوب، وإيجاد حلول إنسانية مشتركة للأزمات العالمية”.

