شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
الأرمن في القدس… انتماء راسخ يتجاوز قروناً ، بقلم : معروف الرفاعي
في تغريدة لا تخلو من السخرية والاستخفاف، تهكّم حذيفة عبد الله عزام على وزيرة خارجية فلسطين فقط لأنها من أصول أرمنية، متسائلاً باستهزاء عن أي اسم “عربي” في اسمها الرباعي، عارضاً جائزة لمن يجيب. لكن هذا الخطاب الضحل يكشف أزمة في فهم معنى الانتماء، إذ يقيس الوطنية على الاسم أو الأصل العرقي، ويتناسى أن الانتماء الحقيقي يُقاس بالموقف والالتزام والتجذر في الأرض والقضية.
الأرمن في القدس ليسوا ضيوفاً ولا طارئين؛ إنهم جزء أصيل من نسيج المدينة منذ أكثر من أربعمائة عام، حافظوا خلالها على وجودهم ومقدساتهم، وربطوا مصيرهم بمصير القدس وأهلها. فقد وقفوا إلى جانب القضايا الوطنية، وشاركوا في الدفاع عن المدينة في أحلك الظروف، وظلّوا ثابتين في الحي الأرمني العريق رغم كل محاولات التهويد والضغط الإسرائيلي.
المفارقة المؤلمة أن من يسخر اليوم من وطنية الفلسطينيين الأرمن، هو ابن من كان في حرب بيروت 1982 يحشد المجاهدين لقتال الروس في أفغانستان، ويعتبر الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن بيروت وضد الغزو الإسرائيلي “فطائس”! في حين كان والده يجمع الأموال للمجاهدين في أفغانستان، ويمتنع عن دعم الثوار الذين كانوا يواجهون الاحتلال الإسرائيلي في بيروت، بل وكتب مؤلفات يرفع فيها “المجاهدين الأفغان” إلى مصاف الأنبياء.
أيهما أصدق في الانتماء لفلسطين وللقدس؟ من يهاجم وزيراً فلسطينياً لأن جذوره أرمنية، أم من بقي في القدس من الأرمن متمسكاً بعروبتها وهوية شعبها، يواجه التهويد والاحتلال؟
إن الأرمن في القدس ليسوا بحاجة لشهادة من أحد؛ فوجودهم العريق، ودفاعهم المستمر عن القدس ومقدساتها، يقدّم الجواب الأقوى على أي تهكّم. إنهم أوفى لعروبة القدس من كل من يزاود بالشعارات ويلوّث التاريخ بالانتقائية.
الوطنية لا تُقاس بالاسم أو بالعرق، بل بالفعل والموقف. وإذا كان البعض قد ورث عن أبيه أدبيات تمجيد “المجاهدين الأفغان”، فإن الأرمن في القدس ورّثوا أبناءهم الوفاء للقدس والدفاع عن عروبتها، وهو إرث سيبقى خالداً مهما تبدّلت الأسماء والألقاب.
