7:15 مساءً / 18 يونيو، 2025
آخر الاخبار

الخطاب الملكي بوصلته انهاء الصراعات وفي مقدمتها الصراع الاسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ ثمانية عقود ، بقلم : كريستين حنا نصر

الخطاب الملكي بوصلته انهاء الصراعات وفي مقدمتها الصراع الاسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ ثمانية عقود ، بقلم : كريستين حنا نصر


منذ أخر خطاب قدمه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين رعاه الله في البرلمان الأوروبي بتاريخ 15 كانون الثاني عام 2020م ، يكرر جلالته تأكيده على موضوعات ومسائل عالمية مهمة، حيث تحدث جلالته حينها عن الحاجة في عالمنا هذا، لايجاد حلول لاستعادة الثقة في العدالة العالمية، والعمل على مساعدة الشعوب وبخاصة الشباب على ايجاد الامل والفرص لهم .


وبعدها أكد جلالة الملك أن عالمنا للأسف وقعت فيه العديد من الاضطرابات السياسية، والأزمات والتحديات الاقتصادية والأمنية والصحية خاصة جائحة كورونا، الى جانب التسارع في التغييرات التكنولوجية، اضافة الى التحديات الأخرى التي طرأت في عالمناـ، وبشكل خاص الحرب الاوكرانية الروسية، والصراع في غزة ومؤخراً الحرب بين اسرائيل وايران، والتي حتماً سوف تهدد وبشكل جاد بوقوع تصعيد خطير داخل منطقة الشرق الاوسط وأيضاً خارجها، ويصاحب هذه الاضطرابات التسارع الكبير في التحديثات والاكتشافات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهي تطورات غير مسبوقة يرافقها تدفق هائل لمعلومات مضللة وبشكل كبير، وهذه الموجات المتتالية من الأزمات والاضطرابات التي تعصف بنا وتعيش تداعياتها مجتمعاتنا، فإنها تجعلنا نشعر بأن عالمنا ساده الانفلات، وفقد البوصلة الاخلاقية والقواعد والمبادىء التي تتفكك، كما أن الحقائق تتبدل في كل ساعة، ويلاحظ أيضاً تزايد الكراهية والانقسام يقابلها حالة تراجع في الاعتدال والقيم العالمية وفي الوقت نفسه أصبحنا أمام التطرف الايدلوجي، ونتيجة لكل هذا أيضاً فإننا أمام تهديد هو خطر نسيان قضايانا وهويتنا التي ندافع عنها بشكل دائم ومستمر، وكل هذه المنعطفات التاريخية تجعلنا نُطالب بضرورة التمسك والتشبث بقيمنا ، لأن العالم عندما يفقد قيمه الاخلاقية فإننا حينها سنفقد قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل وبين ما هو عادل وما هو قاس أيضاً، وبصورة تتولد عنها الصراعات والإضطرابات.


كما بين جلالته أن البشرية قد تعلمت وخبرت من التاريخ بأن الحرب نادراً ما تكون فقط حول هدف واحد وهو بسط السيطرة والسيادة على الأراضي، بل هي أيضاً معارك وصراعات حول وجهات النظر والأفكار العالمية والقيم التي ستشكل مستقبلنا، فبعد الحرب العالمية الثانية أدركت أوروبا هذ الحقيقة جيداً، وهذا ما دفعها حينها لخيار إعادة البناء ليس لمدنها وحضارتها فحسب، بل أيضاً لمنظومة الركائز التي تأسست عليها بأن تترك شعوبها الماضي وراءها وتبني عصر جديد من السلام ، والى جانب ذلك إختاروا أيضاً الكرامة الانسانية عوضاً عن الهيمنة واتبعوا أيضاً القيم بدلاً من الانقسام ، واختاروا التمسك بسلطة القانون عوضاً عن القوة ، كذلك مبدأ التعاون عوضاً عن الانجرار وراء الصراعات، وهذه القيم التي ادركتها أوروبا اليوم أدركها الاردن وهو يتمسك ويؤمن بها أيضاً، بما في ذلك جميع القيم المشتركة مع اوروبا والتي هي أساساً تعاليم ومبادىء متجذرة في تراثنا وتاريخنا الاصيل، حيث مبادئنا الوطنية المبنية على التسامح والاحترام المتبادل، كما أننا نفخر بأن بلدنا الاردن هو موقع (المغطس )عُماد السيد المسيح عليه السلام، كما نفخر بأن بلدنا المسلم أيضاً هو موطن لمسيحيين متشاركين معنا في بناء الوطن المشترك، ويؤكد جلالته أيضاً وبكل وضوح على أهمية هذه القيم الانسانية الاخلاقية التي هي صلب المعنى التاريخي للوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، التي جوهر رسالتها وأمانتها هي حماية الأديان والمقدسات من أي اعتداء، الى جانب احترام الكنائس خاصة في مدينة القدس تجسيداً لمعاني ورسالة العهدة العمرية بين المسلمين والمسيحيين.


وبالنسبة لجلالة الملك عبد الله الثاني وبسبب ما يجري من حروب وصراعات فإن العالم الآن يتجه للأسف نحو الانحدار الاخلاقي مثل الصراع في غزة التي خذلها العالم ، لذلك يجب على اوروبا بل والعالم إختيار الطريق الأفضل للتعامل مع هذه القضية ، كما تطرق جلالته أيضاً الى الغارات الاسرائيلية في عام 2023م بما فيها الهجمات على مستشفى غزة، حيث وثقت منظمة الصحة العالمية حوالي 700 هجوماً على المرافق والخدمات الصحية في غزة، وهذا الآن اصبح أمراً شائعاً لدرجة أنه بالكاد يذكر، موضحاً جلالته بأنه لا يمكن للعالم قبول أن يصبح التجويع والمجاعة سلاحاً في الحروب، خاصة ضد الضحايا من الأطفال، الى جانب عدم امكانية قبول الهجمات التي تستهدف العاملين في القطاع الصحي والاغاثي الانساني، الذين اصبحوا للاسف يبحثون كما هو حال الصحفيين والمدنيين عن ملجأ في المخيمات.


وأشار جلالته أننا اليوم والعالم كله أمام مفترق طرق يتوجب علينا فيه الاختيار بين السلطة والتمسك بالمبدأ، وبين حكم القانون وسيادته أو حكم القوة وبين التراجع والتجديد، وهذا الأمر والحال لا يقتصر أو ينطبق على غزة فحسب بل تجاه كل الصراعات، وهي ليست لحظة لتسجيل المواقف بل هي حقيقة الصراع حول هويتنا، كمجتمع عالمي في الحاضر والمستقبل، والمطلوب أن يكون لاوروبا دوراً حيوياً لاختيار الطريق الصحيح من خلال العمل أولاً على المساهمة في التنمية الدولية الشاملة ، وهنا يمكن الاعتماد على الأردن كشريك متين لهم، حيث أمننا المشترك، والأمر الثاني الذي يمكن لأوروبا عمله هو ضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة ومنضبطة لضمان الأمن العالمي، ليس فقط في سبيل انهاء الحرب في اوكرانيا ولكن أيضاً من أجل إنهاء أطول بؤرة اشتباك في العالم وأكثرها تدميراً وهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المستمر منذ ثمانية عقود، وبنفس السياق أكد جلالته على أن ما يجري للاسف في غزة والضفة الغربية ينافي المعايير الاخلاقية ويتناقض مع مواد القانون الدولي، ويتعارض أيضاً مع قيمنا المشتركة حيث يزداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم.


وهنا يختم جلالة الملك عبد الله الثاني خطابه التاريخي العميق الدلائل ، موضحاً بأن هذه المعارك والصراعات تستمر مأساتها في غزة، بما في ذلك اقدام الجرافات الاسرائيلية على هدم منازل الفلسطينيين وجرف بساتين الزيتون وهدم البنية التحتية وبشكل غير قانوني ، وهذا كله بالطبع سوف يهدم منظومة القيم الاخلاقية، وسوف يزداد للاسف معه ما نشهده من توسع للصراع والهجوم على ايران، حيث لايمكن لأحد أن يعرف أين ستكون حدود هذه المعارك، وهذا كله من شأنه أن يهدد الشعوب في كل مكان، وقد اكد جلالته أنه يجب ان يوضع حد لهذه الصراعات والتي يجب ان تنتهي، والحل الوحيد الممكن تطبيقه هو الحل القائم على السلام العادل، والالتزام بالقانون الدولي والاعتراف المتبادل بالحقوق .


ولأن السلام هو الفكر والرسالة الهاشمية الراسخة على الدوام يختم جلالته خطابه قائلاً :”أصدقائي، لقد سلكنا طريق السلام من قبل، ويمكننا أن نسلكه مجددا، إذا تحلينا بالشجاعة اللازمة لاختيار هذا الطريق وقوة الإرادة لنسلكه معا”.

شاهد أيضاً

النضال الشعبي تنعي رفيقها الشهيد ساهر حسن وشاح

شفا – نعت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني شهيدها الرفيق المناضل ساهر حسن وشاح عضو قيادة …