6:50 مساءً / 20 يونيو، 2025
آخر الاخبار

الصين وثوابتها القومية .. بقلم : عايدة عم علي

الصين وثوابتها القومية .. بقلم : عايدة عم علي

في عام 1955 ظهرت عند بعض زعماء العالم الثالث فكرة التمايز عن القوتين الاعظم في حينه حلف شمال الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة و حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفيتي و ذلك بتشكيل محور ثالث اطلق عليه كتلة عدم الانحياز، عقدت الدول المشاركة قمتها الاولى في باندوغ اندونيسيا و كانت بقيادة احمد سوكارنو و معه مصر جمال عبد الناصر و الهند جواهر لال نهرو و يوغسلافيا و زعيمها جوزيف تيتو و الصين التي مثلها في القمة الرجل الثاني في القيادة الصينية و رجل الدبلماسية الاول شو ان لاي، و برز دوره متقدما على غيره في الدفاع عن قضايانا القومية و مساله فلسطين و عدالتها، و برز كزعيم ذكي صاحب شخصية مؤثرة و جذابة.

في فلسطين كانت الثورة لا تزال فكرة يتداولها الثوار الاوائل بصمت و خشيه من انظمة القمع المحيطة، و مع ذلك استقبلت الصين عام 1964 اثنين من الشباب المجهولين و هم ياسر عرفات و خليل الوزير و ناقشت معهم فكرة الثورة و زدوتهم بنصائح ثمينة و لعل اول مكتب رسمي امتلكته الثورة الفلسطينية كان المكتب الذي افتتحته لها القيادة الصينية في بكين، و تلقى الثنائي ابو عمار و ابو جهاد الدعم المعنوي و المعرفي و حتى المادي الذي بلغ سبعة الاف جنيه استرليني و هو مبلغ ضخم في مقايس ذلك الزمن، كان ذلك كله قبل ان تعلن الثورة الفلسطينية عن نفسها و حتى قبل ان تطلق رصاصاتها الاولى.

امتلك الثائر الفلسطيني العزيمة و الاصرار و قبل التحدي عند انطلاق الثورة المعاصرة بعد هزيمة 1967 و لكنه كان يفتقر الى عنصرين من عناصر العمل و هو السلاح و الخبرة العسكرية القتالية، تقدمت دول عديده لمد يد المساعدة و لكن لم يكن دعم اي منها كدعم جمهورية الصين الشعبية من دعم بالسلاح و استقبال اعداد كبيرة من الشباب لتدريبهم و تنظيمهم على اساليب الحرب الشعبية و حرب العصابات، و هم من عاد و اصبح جيش الثورة في معاركها الطويلة.

لاحقا كانت الصين من اوائل دول العالم التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية و اصبح لها مكاتب في بكيين ذات طابع دبلماسي و عندما اعلنت الدولة الفلسطينية في الجزائر كانت الصين من اوائل من اعترف بها و حولت مكاتب منظمة التحرير الى مستوى السفارة و بقيت على موقفها الثابت بدعم الثورة الفلسطينية و تقديم ما تحتاج اليه و لكن مع اختيارات الثورة الفلسطينية و دون ان تطلب منها شيء في المقابل، و حين حصلت التغيرات في الصين اثر وفاة الزعيم الصيني ماو تس تونغ و استلام زوجته و فريقها القيادة و لاحقا في مرحلة قياده دينغ شياو بينغ و حتى عهد الرئيس الحالي شي جي بينغ تغيرت امور كثيرة في الصين الا ان الموقف من فلسطين و مسالتها و ثورتها بقي من ثوابت السياسة التي لم تتغير بتغير القيادات و السياسات العامة.

اخذت الدبلوماسية الصينية شكلها و ادائها من الصفات الشخصية للمواطن الصيني، فهي عنيدة مثابرة مدروسة بعناية و تسير نحو هدفها بدقة و لكن بصمت و اسلوب هاديء و اصابع من حرير و فعالية عالية لا ترى الا عند النتائج الختامية، و ها هي اليوم تتقدم في قلب افريقيا و اميركا الجنوبية و في مشروع طريق الحرير و طبعا في الشرق الاوسط.

هذ الاسلوب الرصين الناضج جعل الصين الشيوعية الكونفوشوسية تحقق ما لم يحققه ذوي العمائم البيضاء او السوداء على طرفي الخليج، فاستطاعت انجاز المصالحة الايرانية السعودية و نزعت فتيل اسرائيل و الولايات المتحدة المعد لتفجير المنطقة، حقا لقد ضربت المشروع الامريكي الاسرائيلي بالعمق في خطوتها هذه، و الصين تلعب اليوم دورا في غاية الفعالية و ان كان غير منظور في انجاز مصالحة سعودية يمنية لانهاء حرب دموية عبثية اكلت من لحم اليمنين و التهمت ثروات السعودية، و سنرى في القريب دور لها في انهاء الوجود التركي في الشمال السوري بما يحقق وحدة سورية و اراضيها و مصلحة اردوغان الذي يواجهه استحقاقة الرئاسي الانتخابي الاصعب في القادم القريب.

تستطيع الصين اليوم بما تملك من قوة و قدرات اقتصادية و سياسية و من مهارات تفاوضية اثبتتها الايام الاخيرة ان تلعب دورا في فلسطين، ان على صعيد المصالحة الفلسطينية الفلسطينية و ان في استحقاقات مرتبطة بالصراع مع العدو الاسرائيلي و الايام قادمة.

عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي

شاهد أيضاً

الاحتلال يستولي على 16 منزلا ويعتقل 10 مواطنين في عنزة جنوب جنين

الاحتلال يستولي على 16 منزلا ويعتقل 10 مواطنين في عنزة جنوب جنين

شفا – واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، اقتحامها لقرية عنزة جنوب جنين لليوم الثاني …