5:54 مساءً / 20 أبريل، 2024
آخر الاخبار

الرأي بين التجهيل والاستعداء بقلم : سمر المقرن

من اللافت للنظر وهو ما توصلت إليه من خلال متابعتي، سواء للردود والتعليقات التي تصلني شخصياً على مقالاتي أو آرائي الشخصية التي أصرح بها في مقابلات مع وسائل إعلامية، أو تلك التي أقرؤها عبر الإنترنت الموجهة لأشخاص آخرين سواء كُتاب أو مشاركون، خصوصاً في مواقع الاتصال «المفتوحة» والتي لا يوجد فيها رقيب سوى الله -سبحانه وتعالى- وتربية وضمير الإنسان، فأول سلاح يستخدمه من يخالفك الفكر هو «التجهيل»، وكأنه يعلم الغيب، أو مطلع على حياة الآخر وما يدور فيها، وأكثر كلمات التجهيل استخداماً.. أنت لم تقرأ في هذا المجال؟ أو وش فهمك؟ هذه النبرة تمنح مخالفك الشعور بنشوة الانتصار، لأنه في هذه الحالة يقبع داخل حالة «امتلاك الحقيقة» التي يرى أن مفاتيحها معه وحده! ومن أساليب التجهيل، شخصنة الموضوع، فبعد أن يعجز هذا المخالف عن الإتيان بحجة تناقض رأيك، فيهرع إلى شخصنة الموضوع، فيبدأ عملية «فلفلة» في شخصك وشكلك وصورتك وابتسامتك وحتى تكشيرة وجهك، فيبني عليها آراء افتراضية يربطها بقضيته المصيرية التي يبتغي منها الوصول إلى أنك -يا صاحب الرأي المخالف- لست سوى جاهل تهذي بما لا تدري، وقد يستخدم في حربه أي أسلوب سواء كان أخلاقياً أو غير أخلاقي، ولا يتوانى عن إطلاق نهج -محاكم التفتيش- التي بداخله والتي تمنحه حق الوصاية على الآخرين وعلى آرائهم، المهم أن يُثبت بالحجة والبرهان أنك «جاهل» مع أنه أعد الرأي مُسبقاً ويعتبر في عرف هذه العينة من -المُسلمات- التي لا تقبل النقاش، لذا ما عليك سوى أن تضع رأيك بوضوح دون أن تنحدر إلى مستوى يقلل من قيمتك الشخصية وقيمة طرحك، لأن النزول إلى مستوى «المُجهلين» لن يجعلك تصل معهم إلى أي نقطة حوار، فهم لا يريدون من الأساس أن يتحاوروا، إنما يريدون الظهور لمجرد الانتشاء، ويُشبع شعورهم إن كان صاحب الرأي كاتبة أو كاتباً مشهوراً! الأسلوب الآخر الذي لاحظته من خلال دخولي البسيط إلى هذه المواقع أو المجاميع الحوارية، استخدام أسلوب الاستعداء، بمجرد أن يختلف معك (هذا) في أي فكرة تطرحها، فإن «حفلة» شتائمية ملغمة بعبارات التجهيل أو الاستعداء عليك، هذا الاستعداء والتأليب قد يكون موجهاً إلى السياسي، أو الديني، أو المجتمعي، مع العلم أن هناك قنوات قضائية يتوجه إليها الشخص الذي يرى في أفكارك خطورة تهدد المجتمع، وهذا الأسلوب حضاري وراق وفق قاعدة «على المتضرر اللجوء إلى القضاء».. إن هذا التطرف الفكري والنزوح إلى لغات -رخيصة- مع من يتم الاختلاف معه فكرياً، دليل على حالة ارتباك تعيشها مجتمعاتنا، فيها كثير من التعطش إلى الصراع الذي لا يخلو في كثير من الأحيان من «التسييس» اعتقاداً منهم أن الساحة لا تتسع إلا لرأي واحد، وأن البقاء لهذا الرأي، مع العلم أن الساحة للجميع، وحرية الرأي مكفولة طالما لا تطاول فيها على الذات الإلهية، أو على الرسل -عليهم السلام- أو على الأشخاص بالكلام القبيح!

إن إثبات الرأي لا يمكن أبداً أن يتم على حساب إلغاء الآخر، وإن انتصر أصحاب التجهيل والاستعداء في جولات سابقة، فلن ينتصروا مستقبلاً، لأن الوعي أكبر من إغراقه بالشائعات وتقويل الشخص ما لم يقله!

شاهد أيضاً

الرئيس محمود عباس

الرئيس محمود عباس : الشرق الأوسط لن يستقر دون حل عادل للقضية الفلسطينية

شفا – قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس “ابو مازن”، إن تصويت الولايات المتحدة الأميركية …