12:40 صباحًا / 24 أبريل، 2024
آخر الاخبار

المصالحة داخل «فتح» هي الخطوة الأولى على الطريق بقلم : المحامي زياد أبو زيّاد

المصالحة داخل «فتح»... هي الخطوة الأولى على الطريق بقلم : المحامي زياد أبو زيّاد

المصالحة داخل «فتح»… هي الخطوة الأولى على الطريق بقلم : المحامي زياد أبو زيّاد

يقول العوام : ” راحت السكرة وإجت الفكره”.. ويضُرب هذا المثل لمن يصحو بعد نشوة مصطنعة ويبدأ في إدراك حجم الورطة التي أدخل نفسه فيها…ولا أدري إن كان الجميع قد جاءته الصحوة أم أن الكثيرين ما زالوا يغطون في النوم على صوت الطاحون .

نحن أصحاب قضية ووطن ونرزح تحت نير احتلال استيطاني لم يحتلنا ليحكمنا فقط وإنما احتلنا ليقتلعنا من أرضنا ويحل مكاننا، فهو احتلال إحلال، ومع أن المنطق يقضي بأن يكون الوطن والقضية على رأس جدول أعمال الجميع، وأن يكون التخلص من الاحتلال هو الهدف الذي يلتف حوله الجميع، إلا أننا وجدنا أنفسنا منهمكين في أمور حياتنا اليومية لدرجة أنها تكاد أن تشغلنا عن كل شيء سواها، تستحوذ على اهتماماتنا، وتجعلنا في عراك ٍ مع أنفسنا ومع بعضنا البعض والخصم يُغذي هذه الصراعات ويتلذذ لرؤيتها .

حديث الساعة الذي يسيطر على كل لقاء أو حوار في الحياة العامة العادية هو الرواتب ! وتكاليف المعيشة والأقساط والدفعات ولقمة العيش والزيارات المرتقبة لبعض المسؤولين العرب علّهم يحملون معهم من الأموال ما قد يفك بعض الأزمة، أو زيارات تحمل الطابع السياسي ” السيادي ” تترجم معنى الاعتراف بالدولة إلى واقع، وتضع الأشقاء العرب في صورة المعاناة الفلسطينية وكأنهم لا يدركونها حتى يشاهدوها بأم أعينهم، او أن يسعى بعضهم إلى الحصول على إذن ٍ اسرائيلي ليتوج زيارته بالصلاة في الأقصى تحت بصر السجان ! ونحن نفتي لهم ونقول بأن زيارة السجين لا تعني الاقرار بشرعية سجنه!

وفي غمرة الانشغال في الحديث عن لقمة العيش تجد بعض الصفوة وقتا ً للحديث عن الانقسام والمصالحة، واحتفالات فتح بذكرى الانطلاقة، وهل ستسمح حماس لفتح بأن تقيم احتفالاتها في الساحة المسماة ” الكتيبة ” أم أن حماس ستحتكر هذا المكان الرمزي لذاتها وتمنع استعادة فتح لذكرياتها السابقة أيام الخير ! وهل سيؤدي منع فتح من الاحتفال في ساحة الكتيبة إلى إلغاء هذا الاحتفال وتصعيد لغة المهاترات مجددا ً بين محترفي المهاترة والردح على الجانبين الذين يتحفزون من الآن لأظهار مواهبهم ويخشون أن تضيع عليهم الفرصة التي هي بالنسبة لهم كبرنامج المواهب.

نحن إذن منشغلون برغيف الخبز والانقسام…أما الطرف الآخر فهو منشغل ٌ بتثبيت الاحتلال وتكريس الاستيطان وتعميق تهويد القدس التي أصبحت اليوم سبيّة ً أندلسية، كالموشحات، نتغنى بها وننسى أو نتناسى أنها اغتربت وربما لعقود أو قرون قادمة !

ورغم الواقع السيىء الذي وصلنا إليه نجد الفصيلين الرئيسيين على الساحة يتحدثان بإصرار عن الانتصارات والانجازات التي لا نقلل من قيمتها، ولكننا ندعو إلى عدم المبالغة في ذلك لكي لا تضل البوصلة ونخدع أنفسنا عن رؤية الواقع الذي يدق أمامنا نواقيس الخطر .

حماس تسعى ىسواء بوعي أو بغير وعي إلى تثبيت وتكريس فصل الضفة عن القطاع ولو كان الثمن التضحية بالقدس والضفة، والاستعاضة عن الدولة بدويلة أو إمارة في قطاع غزة، وتعيش على وهم تحاول أن تبرره بأن تقنع نفسها بأنه البداية على طريق التحرير والعودة دون أن تعي جيدا مدى إمكانية تحقيق ذلك في ظل موازين القوى الاقليمية والدولية، والمعايير والقيود التي تحكم العلاقات والتعامل بين الدول في العصر الحديث والتي تخضع للمواثيق والمعاهدات التي تحكم منظومة الدول المنتمية إلى المجتمع الدولي .

و«فتح» منشغلة ً ب«فتح» !.. تعيش على أمجاد الماضي، وتقتتل كملوك الطوائف وتغني في المناسبات ” غلابة يا فتح يا ثورتنا غلابة ” ..وبالطول والعرض…وواقع الحركة يقول غير ذلك .

فتح هي رأس الحربة في الصراع وهي مصدر الشرعية والمصداقية لكثير من الثوار المناضلين وهي ذات القاعدة العريضة التي لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يقلل من أهميتها، ولكن فتح سُرقت أو اختطفت أو ربما ضلّ الرأس عن الجسد، أو حدثت هوّة بين القمة والقاعدة، وهذا ما يسمح للبعض أن يقول عنها ..عنزة ولو طارت !

لا أحد يستطيع أن يقول أن فتح اضمحلت أو هرمت أو في طريقها إلى الزوال فهي الفكرة والضمير الوطني والانتماء الذي لا يهزه أو يلغيه قرار من لجنة ٍ مركزية أو أي إطار حركي ٍ بفصل أو تجميد هذا العضو أو ذاك !.. هي ليست وظيفة ولا منصب، هي شيء داخل أبنائها لا يمكن أن يُنتزع من صدورهم .

فهل من الممكن لنا أن نتحرر من الانشغال بهموم حياتنا اليومية، ونعيد لذاتنا احترامها، ونعيد توحيد الهدف والشعب، ونتفرغ لمواجهة مصيرنا الحتمي في المواجهة لانتزاع حقنا في العيش بحرية وكرامة ؟ .. وإن كان ذلك ممكننا فكيف ؟

في تقديري أن أول تحد ٍ يواجه حركة فتح، وهي كما قلت آنفا ً رأس الحربة ومصدر الشرعية والمصداقية، هو أن تتصالح فتح مع ذاتها، وان تفتح ذراعيها لكل أبنائها، وأن لا تفسح المجال لمروجي الفُرقة وباعثي الفتن أن يستمروا في أذاهم وفي تفتيت الحركة وتشتيت أبنائها . فتح في أمس الحاجة، إن أرادت أن تمارس دورها الطليعي، لأن تستعيد وحدتها، وأن تعيد ترتيب أوضاعها الداخلية من خلال إعادة تجديد وتفعيل مؤسسات الحركة من خلال انتخابات نزيهة تلملم صفوف أبناء الحركة وتنفض عن جسدها طحالب التسلق والتملق وتعيد للحركة احترامها ووحدة أبنائها وتجسر الهوة بين القيادة والقاعدة، تلك الهوة التي هي في اتساع يُنذر بالخطر .

وإذا استطاعت فتح ذلك فإن الباب سيكون مفتوحا ً أمامها لأن تعيد لهذا الشعب وحدته واحترامه، فحركة حماس التي نمت وترعرعت في ظل الهبوط الفتحاوي ستجد نفسها مضطرة للعودة الى البيت الوطني الذي كلن يؤويها حين كانت فتح الطليعة والقائد .

والوقت ليس في صالح أحد . والانتصارات الوهمية يجب أن لا تُعمي أحدا ً عن رؤية الواقع وهو أننا جميعا ً الخاسرون إذا لم نلملم صفوفنا وتتآلف قلوبنا ونقف كلنا في خندق واحد نعمل لهدف واحد وهو إنهاء الاحتلال وتحقيق الحقوق الوطنية لشعبنا والعيش بحرية وكرامة .

كيف ومن أين نبدأ ؟ هذا السؤال الكبير يستدعي حوارا ً فتحاويا ً – فتحاويا يضم كل أبناء الحركة دون استثناء، ومع تجاوز كل القرارات السابقة بفصل أو تجميد قيادات وكوادر من حقها أن تقول كلمتها في كل ما يتعلق بصير الحركة لا سيما إذا كانت هناك رغبة ً صادقة بالفعل لاعادة بناء مؤسسات الحركة من الداخل، ودعوة الشرفاء المناضلين من أبناء الحركة الذين آثروا الانزواء والوقوف موقف المتفرج المحايد حين شعروا بالظلم والتنكر لحقوقهم ونضالاتهم وهم كُثر في الضفة والقطاع لا يعرفهم الكثيرون ممن استجدوا على الحركة وظنوا أنها بدأت بهم .

وهنا أدعو الرئيس القائد أبو مازن بصفته رأس الهرم الفتحاوي لأن يرفع شعار: ” عفا الله عما سبق “، وأن يدعو الجميع دون استثناء إلى ورشة عمل تضم الجميع ولا تنفض إلا بعد أن يخرج الدخان الأبيض ! .

ونحن بحاجة في نفس الوقت لأن تبدأ وفي أسرع وقت ممكن إجراءات على الأرض تُعزز المصالحة بين فتح وحماس وبمشاركة كل ألوان الطيف الفلسطيني الوطني والاسلامي ليشعر الجميع بالشراكة الحقيقية، في معركة المصير الواحد. ومثل هذه الاجراءات قد تستدعي إعادة النظر في كل الاجراءات الأحادية التي تمت من الطرفين بدءا بتبييض السجون من قبل الجانبين، ومرورا ً بإعادة النظر في تعديل الكثير من القوانين أو استحداث البعض منها أو التعيينات، وكذلك إعادة إجراء الانتخابات المحلية التي تمت بالضفة وكل ما ترتب على ذلك.

هل هناك من يملك من الجرأة والانتماء بأن يستطيع قبول التحدي والبدء بالسير على هذا الطريق ؟ آمل أن يكون الجواب : نعم !

شاهد أيضاً

الاحتلال يقرر إغلاق الحرم الإبراهيمي أمام الفلسطينيين

الاحتلال يقرر إغلاق الحرم الإبراهيمي أمام الفلسطينيين

شفا – قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اغلاق الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، امام الفلسطينيين ومنعهم …