12:38 مساءً / 20 أبريل، 2024
آخر الاخبار

اللقاح ليس سلعة ، بقلم : هيثم الزبيدي

اللقاح ليس سلعة ، بقلم : هيثم الزبيدي
نحن جيل الوفرة. ربما الوصف الأدق نحن أجيال الوفرة. تبدو الأشياء متاحة وكثيرة. فورة السلع وفورة الخدمات. فخلال العقود القليلة الماضية زاد الإنتاج في كل شيء وزاد حجم الخدمات. راح زمن الطوابير والانتظار. محلات البقالة تكدس البضائع. السوبرماركت عالم من الأرفف المليئة. في أوروبا، مثلها مثل الشرق الأوسط، تجد تقريبا كل شيء. وبالمقارنة مع مداخيل الناس، ورغم كل ما يقال عن الغلاء، فإن الأسعار لا تزال معقولة. اسألوا كبار السن كيف كانوا يقننون رواتبهم لكي ينتهي الشهر على خير.

اذهب إلى السوق ولاحظ كم نوعا من التفاح متوفر. أيام زمان كنا ننتظر التفاح الأبيض أول موسم الصيف، ثم يأتي التفاح “الأخضر أبو خد أحمر”، ثم آخر الموسم يحل علينا التفاح اللبناني الأصفر منه والأحمر. اليوم تذهب إلى السوبرماركت تجد كل الأنواع أمامك. لا موسم ولا جغرافية تعيق وصول أنواع التفاح الكثيرة والمختلفة.

الهاتف كان شيئا استثنائيا. شكله محترم بقرص وسط هيكل صلب عابر للسنين. تنتظر سنوات قبل أن يأتي دورك لتركيب الهاتف في منزلك. خدمة استثنائية ولا يقدم عليها إلا أصحاب الدخل الكبير. كلمة “هلو” أو “ألو” مكلفة. اليوم الشرائح الهاتفية في كل مكان. لديك فرصة شراء ما يحلو لك من أنواع الهواتف، رخيصها والغالي. الهاتف أكثر من هاتف. هو نقطة لقاء الخدمات الجديدة الوفيرة. وكل شيء رخيص، من المكالمة المحسوبة ضمن الاشتراك، إلى تصفح الإنترنت، إلى مكالمات مجانية تماما عبر التطبيقات. “ألو” اليوم ببلاش. قل منها ما شئت فلا عداد يحسب كلامك.

السيارات تملأ الشوارع. الطيران والسياحة صارا خدمات أساسية. يمكن أن تشتري تلفزيونا بشاشة كبيرة بجزء من مرتبك الشهري. الملابس بنوعيات جيدة وتصاميم وألوان كثيرة. ثمة شرائح سلعية وسعرية لكل مستوى ودخل. وفرة حقيقية لا يمكن إنكارها مع زيادة قدرات الإنتاج، من التصنيع إلى الزراعة الممكننة والمعدلة جينيا لتقاوم الآفات وتحسن الثمر، ومع زيادة الخدمات وتحسن نوعيتها.

الوفرة غيرت علاقتنا مع السلع والخدمات. صرنا نقيس الأمور بطريقة مختلفة. البعض يصف مجتمعاتنا بالمادية. وهي كذلك. ولكن من الضروري اليوم أن تكون لنا وقفة. ليس كل شيء سلعة وخدمة نختار منها.

السبب هو ما يدور حاليا من كلام عن أي لقاح نأخذ لنواجه فايروس كورونا. قبل نحو شهرين كنا في ضياع. لا لقاح ولا علاج. التقدم العلمي وجهد الباحثين وأموال الحكومات وشركات الأدوية دفعت نحو إنتاج لقاحات متعددة ومختلفة. هذه اللقاحات وصفات للحياة. نحتاج إلى بعض الموضوعية في التعامل مع اللقاحات. لسنا في مهرجان تسوق، بل في صراع من أجل البقاء. لقاحات أسترازينيكا/أكسفورد وفايزر/بايونتيك وموديرنا وسينوفارم وسبوتنيك ليست سلعا أو خدمات نختار منها.

شاهد أيضاً

حركة فتح

حركة فتح : الإدانة الأوروبية لعنف المستعمرين والدعوة لمحاسبة الجناة خطوة بالاتجاه الصحيح

شفا – قالت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، إن الإدانة الأوروبية لعنف المستعمرين ضد …